خطبة زياد بن أبيه بالبصرة (العصر
الأموي 41-132ه)
نبذة عن الخطيب
.
هو زياد بن أبيه (1هـ-53هـ).
.
لماذا سمي زياد بن أبيه؟ لأنّ
أباه لم
يكن معروفًا.
.
سُمِّيَ بذلك
لاختلاف الناس في أبيه حيث نَسَبَهُ بعضُهم لِرَجلٍ يُدْعى عُبَيد، فقيل زياد بن
عبيد، ونسبه بَعْضُهُم إلى أبي سفيان بن حرب فقيل زياد بن أبي سفيان، ونسبه بعضهم
إلى أمه سمية فقيل زياد ابن سمية وأهل الورع يدعونه زياد ابن أبيه.
.
كان من بلغاء
العرب وفصحائها ونوابغها.
.
كان كاتبًا لأبي موسى الأشعري.
.
نبغ في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.
.
وفي عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب تولّى زياد، ولاية
فارس، وكرمان، والبصرة.
.
وفي عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان ولّاه البصرة
والكوفة، وكان ذلك سنة 45 هـ.
.
كان سياسيًّا أُمَوِيًّا، قد سَاهَمَ في
تثبيت الدولة الأموية.
. كان أحدَ أَرْبَعٍ مِنْ دُهَاةِ العرب.
مناسبة الخطبة
اختار معاوية بن أبي سفيان زيادًا واليًا على البصرة، وكانت مَعْقِلاً للخارجين على الخلافة الأموية ولهذا فقد كانت الفِتن والثورات على بني أمية تنبع منها. فلما وصل زياد إلى البصرة ورأى الْجُورَ والْفسْقَ مُتَفَشِّيًا في نواحيها منتشرًا بين أهلها صَعِدَ الْمِنْبَرَ فأخذهم بالشدة وألقى على مسامعهم هذه الخطبة التي أبان بها سياستَه معهم.
سبب تسميتها بالبتراء
نص الخطبة
"أما بعد، فإنَّ الْجَهالَةَ الْجَهْلاَءَ، والضَّلالَةَ الْعَمْيَاءَ، والْغَيَّ الْمُوفِيَ بأهله على النار ما فيه سُفَهَاؤكم، ويشتمل عليه حُلَمَاؤُكُم مِنَ الأُمُور الْعِظَام يَنْبُتُ فيها الصَّغيرُ، ولا يَتَحاشَى عنها الكبيرُ كَأَنَّكُم لَمْ تَقْرَؤوا كتابَ الله ولم تَسْمَعُوا مَا أَعَدَّ اللهُ مِن الثَّوابِ الْكَبيرِ لأهْلِ طاعتِه، والعذابِ الأليمِ لأهلِ مَعْصِيَّتِه في الزَّمَنِ السَّرْمَدِيّ الذي لا يَزُول، أَتَكُونُون كَمَنْ طَرَفَتْ عَيْنَيْه الدنيا، وسَدَّتْ مَسَامِعَه الشَّهَوَاتُ، واخْتَارَ الفَانِيَةَ على الباقية، ولا تَذْكُرُون أنَّكم أَحْدَثْتُم في الإسلام الْحَدَثَ الذي لم تُسْبَقوا إليه؛ مِنْ تَرْكِكُمُ الضعيفَ يُقْهَرُ ويُؤْخَذُ مَالُه، ما هذه الْمَوَاخِيرُ الْمَنْصُوبَة والضعيفةُ الْمَسْلُوبَة في النهار الْمُبْصر والعددُ غيرُ قَليل؟ أَلَمْ يَكُن مِنْكم نُهَاةٌ تَمْنَعُ الغواةَ عن دَلْج الليل وغارة النهار؟! قَرَّبْتُمُ القرابة، وبَاعَدتُّمُ الدِّينَ، تَعْتَذِرونَ بِغَيْر الْعُذر، وتَغُضُّون على الْمُخْتَلِس، أليس كُلُّ امْرِئٍ منكم يَذُبُّ عن سَفِيهِه صَنِيعَ مَنْ لا يَخَافُ عاقبةً ولا يَرْجُو مَعَادًا، مَا أَنْتُم بِالْحُلَمَاء ولَقَدِ اتَّبَعْتُمُ السُّفَهَاءَ، فَلَمْ يَزَلْ بكم ما تَرَوْنَ مِن قيامِكم دُونَه حَتَى انْتَهَكُوا حُرُمَ الإسلامِ، ثم أطرقوا وراءكم كَنُوسًا في مَكَانِس الرِّيب، حرام عَلَيَّ الطعامُ والشرابُ حتى أُسَوِّيَها بالأرض هَدْمًا وإحْرَاقا. إنِّي رَأَيْتُ آخِرَ هذا الأَمْرِ لاَ يَصْلُحُ إلا بِما صَلُحَ بِه أوَّلُه: لِينٌ في غير ضَعْفٍ، وشِدَّةٌ في غَيْرِ عُنْفٍ. وإني أُقْسِمُ بالله لآخُذَنَّ الْوَلِيَّ بالْمَوْلَى، والْمُقِيمَ بالظَّاعِنِ، والْمُقْبِلَ بالْمُدْبِر، والْمُطِيعَ بالْعَاصي، والصَّحِيحَ مِنْكُم في نفسِه بالسَّقِيمِ حتى يَلْقَى الرَّجُلُ منكم أَخَاه فيقول: (اُنْجُ سَعْد فَقَدْ هَلَكَ سُعيد)، أو تَسْتَقِيم لي قَناتُكم. وقد أَحْدَثْتُم أَحْداثًا لم تكُنْ، وقد أَحْدَثْنا لِكُلِّ ذَنْبٍ عُقُوبةً. فَمَنْ غَرَّقَ قَومًا غَرَّقْناه، ومَنْ أحْرَقَ قَوْمًا أَحْرَقْنَاه، ومَنْ نَقَّبَ بيتًا نَقَّبْنَا عَنْ قَلْبِه، ومَنْ نَبَشَ قَبْرًا دَفَنَّاه فيه حيًّا، فَكُفُّوا عَنِّي أَيْدِيكم وأَلْسِنَتَكم أَكْفُفْ عنكم يدِي ولسانِي ولا تَظْهَر على أَحَدٍ مِنْكم رِيبةٌ بِخِلاف ما عليه عامَّتُكم إلا ضَرَبْتُ عُنُقَه."
تعليقات
حصلت على علم جديد! !